اللاعب حسن أيوب لـ”أحوال”: خدمتُ الكرة اللبنانية بتفانٍ وخرجتُ بلا مباراة تكريمية!
فترة الصفاء كانت الأغلى.. والحكمة كان ممنوعًا من إحراز الألقاب!
يُعتبر “حسن أيوب” واحدًا من أفضل المدافعين الذين مرّوا في تاريخ الكرة اللبنانية، وخصوصًا في فترة التسعينيات، إذ حمل شارة القيادة للمنتخب الوطني وكان يمتاز بـ”الحس التهديفي”، وينبري لتنفيذ ضربات الجزاء بنجاحٍ وثبات.
دافع أيوب عن ألوان “الصفاء” و”الحكمة” و”الإخاء الأهلي عالية”، وكان صاحب أكبر صفقة إنتقال محلية وقتها، حين دفع نادي “الحكمة” مبلغ 100 ألف دولار لإدارة “الصفاء” مقابل توقيعه على كشوف نادي الأشرفية.
أيوب، المولود عام 1967، بدأ مداعبة الكرة منذ نعومة أظفاره، شأنه شأن سائر أترابه، فيقول لـ”أحوال”: “البداية كانت عام 1976 من ملعب “النجمة” الترابي القريب من منزل والدي في محلة المنارة، حيث تفتحت عيناي على متابعة النجوم الكبار، أمثال جمال الخطيب ومحمد حاطوم وحسن شاتيلا وزين هاشم وسواهم.. وانضميت إلى فريق “الأشبال” تحت إشراف كل من يوسف الأسمر وسمير العود وإبراهيم شاتيلا “الكويس” وعماد بيطار، وسرعان ما وقعت على كشوف “رمز النجمة” الذي كان يُعد الخزان الرئيسي لإمداد الفريق الأول باللاعبين الموهوبين”.
ويضيف: “خضت أول مباراة مطلع الثمانينات أمام “التضامن بيروت” المدجّج بالأسماء الثقيلة، ويومها فزنا بهدف نظيف كان لي شرف تسجيله، وعلى الرغم من بروزي إلا أنه في ظل وجود الأسماء اللامعة في الفريق الأول، أمثال عبد الناصر كجك وخالد بهلوان وزياد شهاب وهيثم الأبرش وحسن عبود وسواهم، كان من الصعب أن أجد لي مكانًا بينهم، لذلك قررت الإنتقال إلى “الصفاء” عام 1986 بعد أن لعبنا مباراة “ودّية” أمامه، سرعان ما اكتشفت أنها كانت لانتقاء لاعبين شباب وضمهم إلى فريق “أبناء وطى المصيطبة”، فكنت وشقيقي الحارس محمد أيوب من ضمن اللاعبين الذين أُعجب بهم الجهاز الفني للصفاء، وبالفعل شاركت أمام “التضامن” و”الشبيبة” في مسابقة كأس لبنان، وجلست على “دكّة البدلاء” في النهائي أمام “الأنصار”، ويومها احتفلت طويلًا باللقب الغالي”.
يتابع أيوب حديثه لـ”أحوال”: “بعد إحرازنا بطولة كأس لبنان، وهو اللقب الرسمي الأول في تاريخ “الصفاء”، انتقلنا سريعًا إلى دمشق للعب في تصفيات بطولة النوادي العربية، وأديت يومها مباراة كبيرة أمام “الفيصلي الأردني” على الرغم من خسارتنا 2- 3، وقد تم إختياري كـ”رجل المباراة” إذ صنعت هدفًا وكنت ألعب في مركز خط الوسط؛ ولكني انتقلتُ إلى مركز “قلب الدفاع” عن طريق الصدفة خلال المباراة أمام “الشرطة الدمشقي” في دورة طرابلس العربية، بعد خروج اللاعب الكبير أسعد قلوط، فاضطر المدير الفني عدنان حمود للاستعانة بي لسد النقص الخلفي، ومن يومها أصبحت أشغل هذا المركز، كما تم استدعائي مبكرًا إلى المنتخب الأول المشارك في كأس العرب في الأردن، لكن الإصابة أثناء التمارين حرمتني السفر إلى عمان”.
من هنا، يلفت أيوب إلى أنه بعد ذلك بثلاث سنوات، لعب مع المنتخب الأولمبي في الهند ثم مع منتخب الشباب في بطولة آسيا في طهران، إلى أن عاد مجددًا إلى المنتخب الوطني الأول، كما شارك في تصفيات كأس العالم التي أقيمت على مرحلتين في بيروت وسيول، وحملت شارة القيادة، مضيفًا: “أدينا مباريات لا تنسى، وخلال رحلة سيول الإيابية سجلت هدفًا في مرمى منتخب الهند وفزنا يومها 2-1، وأنا أعتزّ كثيرًا بهذا الهدف الدولي في مسيرة التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم”.
في المقابل، يروي “القائد” أيوب لموقعنا: “لعبت العديد من المباريات الودية والرسمية مع المنتخب، وهي تبقى في الذاكرة، ولعل أبرزها اللقاء أمام الجزائر الذي انتهى بالتعادل 2-2 وفوزنا على سلوفاكيا 2-1 والاكوادور 1-0، كما تعادلنا أمام إيران سلبًا ونيوزيلندا 1-1 في مرحلة التسعينيات الذهبية، وسجلت 10 أهداف دولية أبرزها في مرمى سلوفاكيا وكازاخستان وجورجيا وليبيا والأردن”.
صفقة بـ100 ألف دولار
عام 1996، إنتقل أيوب من صفوف “الصفاء” إلى نادي “الحكمة” مقابل مبلغ خيالي في حينه، بلغ 100 ألف دولار، وكان نادي “الأنصار” قد دخل على خط المفاوضات ودفع مبلغ 40 ألف دولار وعرض تقديم لاعبه علي قبيسي، ولكن إدارة نادي “الصفاء” وعلى رأسها الشيخ غازي علامة، اوقفت إنتقال أيوب إلى الأنصار بسبب الظلم التحكيمي الذي تعرّض له الصفاء في مباراة الدور نصف النهائي لمسابقة كأس لبنان أمام الأنصار.
وعن انتقاله إلى “الحكمة”، يقول أيوب: “كنت سعيدًا عقب المفاوضات التي دارت بين إدارة الصفاء وعرّاب الإنتقال طوني رستم، وبقيت حينها الصفقة الأغلى والأعلى لعدّة سنوات، وما أثلج صدري حينها أن العديد من نوادي المقدمة تسعى إلى ضم كابتن منتخب لبنان “حسن أيوب” الذي يبقى وفيًا ومخلصًا باللعب مع أي فريق يدافع عن ألوانه؛ وهذه أعتبرها نقطة إيجابية في مسيرتي لأنني تعوّدت اللعب بشرف والقتال في أرض الملعب حبًا وشغفًا بكرة القدم، إلى أن انتقلت بعد سنوات إلى نادي “أولمبيك بيروت” ولكنني لم أكمل المشوار بسبب تعرضي لإصابة قوية، فتمّ حينها فسخ العقد بالتراضي بعد أربعة شهور”.
ويتابع: “قضيت سبعة مواسم رائعة مع “الحكمة”، خصوصًا بين العامين 2000 و2002 حين خاض “الأخضر” المباراة الفاصلة أمام “النجمة” وكان قاب قوسين من انتزاع لقب بطولة الدوري؛ ولكن كان يبدو أن هناك “فيتو” على شخص الرئيس الراحل أنطوان الشويري ونادي الحكمة بعدم إحراز أي لقب رسمي، وجاءت تفاصيل المباراة أمام “النجمة” لتثبت ذلك حين أعاد الحكم تنفيذ ضربة الجزاء التي سجل منها محمد قصاص بسبب قوانين لم تكن تطبق في حينها بل طبقت بعد سنوات، ليهدر بعدها لاعبنا وارطان غازاريان ضربة الجزاء الثانية”، مضيفًا: “كما أود الإشارة إلى أن ضغوطًا إدارية كانت تمارَس على لاعبي الفرق المنافسة لتحفيزهم وحثّهم على “الاستبسال” أمام الحكمة ومنعه من انتزاع النقاط، وهذا الأمر علمت به لاحقا من زملائي في الفرق الأخرى”.
الجدير ذكره أن حسن أيوب اختتم مسيرته لاعبًا مع نادي “الإخاء الأهلي عالية” حين كان في الدرجة الثانية عام 2003، وصعد به إلى الدرجة الأولى في الموسم التالي بعد اتصالات أجراها معه رئيس النادي بهيج أبو حمزة والوزير السابق أكرم شهيب، حيث تمنّيا عليه مساعدة الفريق إلى العودة لمصاف نوادي النخبة، وقد نجح أيوب مع بعض الأسماء أمثال محمد مرتضى وراني أسعد ومحمد طحان وغيرهم بالوصول إلى المبتغى.
ذكريات لا تُنسى
هناك محطات بارزة في مسيرة كل لاعب؛ ومن الذكريات الراسخة في ذهن أيوب هي الأهداف التي كان يسجّلها افتتاحًا في معظم المباريات أو أهداف “الفوز الحاسمة”؛ فهو يعتبر أنه كان قادرًا على منافسة المهاجمين آنذاك على الرغم من أنه يشغل مركز “قلب الدفاع”.
ومن المباريات التي تبقى في البال، فوز “الصفاء” على “التضامن صور” 5- 3، والفوز على “الأنصار” 2-1، ويومها سجّل الإصابة الثانية بعدما كانت النتيجة تشير إلى التعادل. كما يعتز أيوب بغالبية مبارياته مع “الصفاء” و”الحكمة”، لأنه يعتبر نفسه كان متألقًا في معظمها، والأهم من ذلك، بحسب قوله، إنه نجح في “كسب” محبة واحترام جماهير وإداريي كل الفرق التي لعب لها، وهذه هي المحطة الأبرز في مسيرته.
بعد انتهاء مسيرته كلاعب، توجّه أيوب إلى عالم التدريب حيث خضع لدورات عدّة حمل من خلالها كل الشهادات المطلوبة وفق المعايير الدولية، وعمل في الأجهزة الفنية للحكمة والنجمة والعهد وعرف معهم طعم البطولات والكؤوس، إضافة إلى انضمامه للجهاز الفني للمنتخب الوطني عام 2010، كما عمل محلّلا للمباريات المحلية والقارية من خلال محطات تلفزيونية في لبنان وقطر عبر قناة “الكأس”.
ويروي “أيوب” لـ”أحوال” أنه يشعر بـ”غصّة” كونه خرج من الملاعب من دون “مباراة تكريمية”، قائلًا: “يبدو أنه على اللاعب أن يستجدي أو يستعطي مباراة اعتزاله، ولكن ليس لدي عتب على أي إدارة سواء كان في “الصفاء” أو “الحكمة”، خصوصًا أنه لم يتم تكريم أي من النجوم واللاعبين الذين أعدّهم “أفضل مني”، ولكن تبقى غصة في القلب بعد تعب وجهد كل هذه السنين الذي يفني اللاعب عمره في الملاعب من أجلها”.
هذا ويشغل أيوب حاليًا منصب أمين السر لرابطة قدامى اللاعبين الدوليين، برئاسة اللاعب السابق عدنان بليق.
سامر الحلبي